ما هو تعريف تكنولوجيا التعليم؟ وما هي مجالات العمل فيه؟

تكنولوجيا التعليم هو فرع من ضمن فروع علوم التعليم والتربية، وهو مصطلح يتكرر كثيرًا في الأوساط الدراسية من قبل الخبراء والمشرفين على إعداد المناهج وغيرهم من المسئولين عن تطوير التعليم في أي مكان، ومن خلال مقالنا اليوم نتعرف معًا على ملامح هذا الفرع وأهميته وتوجهاته وكيف يمكن تحقيق أقصى استفادة منه في الحاضر والمستقبل.

تعريف تكنولوجيا التعليم

كمثل العديد من المصطلحات التربوية المستخدمة في مجال التعليم فإن مفهوم تكنولوجيا التعليم من حيث التعريفات متعدد طبقًا للمدارس التربوية المختلفة، كما أنه مر بالكثير من مراحل التطور تاريخيًا حتى وصل لبعض التعريفات المتفق عليها من قبل المربين.

وبشكل عام فإن التكنولوجيا في الأساس هي نتاج للثورة الصناعية العالمية، وواحدة من الاختراعات وليدة التطور الهائل والضخم في مختلف الميادين، ومن ضمن هذه الميادين ميدان التعليم الذي كان لا بد له من استغلال هذا الاختراع في تطوير وتنمية الجوانب التربوية والتعليمية في الإنسان.

معنى كلمة تكنولوجيا في الأصل التفكير التقني المنطقي، وهي كلمة إغريقية المنشأ، وبشكل أوضح فهي أفضل استغلال للموارد والإمكانيات الموجودة في البيئة وتطويعها لخدمة البشرية.

أما عن أشهر تعريفات مصطلح تكنولوجيا التعليم فقد عرفها الأستاذ مصطفى فلاته بأنها التكنولوجيا العملية والعلمية التي تعين المعلم على أداء واجبه المهني. كما عرفت جمعية الاتصالات التربوية والتكنولوجية هذا العلم على أنه حلقة الوصل بين النظريات وتطبيقها في استغلال الموارد وكيفية إدارتها من أجل تحقيق الهدف الأهم من عملية التعليم وهو التعلم.

التطور التاريخي لمفهوم تكنولوجيا التعليم

سبق وأشرنا إلى أن فرع تكنولوجيا التعليم من الفروع الحديثة التي تولدت في أعقاب الثورة الصناعية، لذلك فقد تطور مفهومها بشكل ملحوظ تبعًا لتطور المراحل الزمنية التي مرت بها، وهذه المراحل هي:

  1. المرحلة الأولى: هذه المرحلة تم تصنيف تكنولوجيا التعليم فيها على أساس كونها وسائل تعتمد على حاستي السمع والبصر لذلك عرفت خلال هذه المرحلة بالوسائل البصرية والسمعية.
  2. المرحلة الثانية: تطور مفهوم تكنولوجيا التعليم خلال هذه المرحلة وتم اعتباره من فروع العلم المسئولة عن توضيح مضامين المادة العالمية وشرحها بشكل أبسط، لذلك عرفت خلال هذه المرحلة بوسائل الإيضاح.
  3. المرحلة الثالثة: تعتبر مرحلة متقدمة من تصنيف تكنولوجيا التعليم حيث تم وضعها تحت مسمى معينات التدريس بشكل عام أي أنها وسيلة لمساعدة المعلم بصرف النظر عن طبيعتها.
  4. المرحلة الرابعة: تعتبر من أهم المراحل الانتقالية في توضيح مفهوم تكنولوجيا التعليم، وفيها تم تصنيفها تبعًا لنظرية الاتصال على أنها وسائل اتصال تتضمن في محتواها عناصر الاتصال المعروفة من مرسل ورسالة ومستقبل ووسيلة للاتصال.
  5. المرحلة الخامسة: وهي المرحلة الأخيرة أو ما توصل له خبراء التعليم والتربية حتى الآن بخصوص مفهوم تكنولوجيا التعليم، وفيها تعتبر تكنولوجيا التعليم عنصر من عناصر الموقف التعليمي التي تتكامل مع باقي العناصر لإحداث التعلم، لذلك فهي  نظرة أعم وأشمل لعملية التعليم وفقًا لما ورد في نظرية النظم التعليمية.

أساليب تكنولوجيا التعليم

الأساليب من الناحية التربوية تُعرف على أنها الخطوات التي يتم اتخاذها وفقًا لخطط محددة يقوم المعلم بوضعها لتحقيق الهدف من العملية التعليمية، لذلك فإن أساليب تكنولوجيا التعليم هو مصطلح يُطلق على الأدوات التكنولوجية المستخدمة في العملية التعليمية، ومنها:

  • الدمج بين التعليم المكاني والتعليم عن بعد.
  • استخدام الألعاب التعليمية الإلكترونية.
  • التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
  • تعليم كيفية إنشاء محتوى إلكتروني تعليمي.
  • إستخدام برامج الفيديو والمونتاج في عرض أو عمل نشاط تعليمي.
  • تنمية مهارة البحث عن طريق الإنترنت.

أمثلة عن دمج التكنولوجيا في التعليم

دمج التكنولوجيا في التعليم أو ما يُعرف حاليًا باسم التعليم المدمج هي عملية يتم فيها إدخال التقنيات التكنولوجيا الحديثة بشكل تدريجي لمجال التعليم مع الإبقاء على عناصر التعليم المكاني من معلمين ومتعلمين وبيئة تعلم، وهي عملية لا تتم على خطوة واحدة بل يتم تقسيمها لعدة مراحل لكي يتم الدمج بين التكنولوجيا والتعليم بنجاح.

أما عن أمثلة دمج التكنولوجيا في التعليم فهي كثيرة ومتنوعة وتختلف من بلد لأخرى، ولعل أبرز هذه الأمثلة ما يلي:

  • استخدام الأجهزة الحديثة مثل الكتب الإلكترونية والأجهزة اللوحية والسبورة الإلكترونية كبديل للوسائل التقليدية في عملية التعليم.
  • تدريس مناهج تطبيقية لبعض العلوم التكنولوجية مثل علم البرمجيات وعلوم الحاسب.
  • استخدام حجرات الوسائط المتعددة في المدارس والتعامل مع أدواتها كوسائل تعليمية.
  • الأبحاث ومقاطع الفيديو واستراتيجيات التدريس الحديثة المعتمدة بشكل كامل على البحث على شبكة الإنترنت.

الاتجاهات الحديثة في تكنولوجيا التعليم

تعرف كذلك أيضًا باسم المستحدثات التكنولوجية التعليمية، ويقصد بها أي عملية تطوير تتم بهدف إنتاج مواد ووسائل تكنولوجية أكثر فاعلية في مجال التعليم، والتي تشمل على سبيل المثال لا الحصر مقاطع الفيديو التفاعلية والتعليم المبرمج والواقع الإفتراضي والتي نناقشها في السطور القادمة بشيء من التفصيل، وهي في تطور مستمر موازي للتطور التكنولوجي العالمي.

مستحدثات تكنولوجيا التعليم

يومًا بعد يوم تظهر كثير من المستحدثات التكنولوجية في مجال التعليم، ويمكننا الحديث عن أبرز هذه المستحدثات فيما يلي:

  • تقنية الواقع الإفتراضي: من أشهر التقنيات الحديثة التي ما زالت تخضع لكثير من عمليات التطوير، وتعتمد على فكرة دمج الواقع الملموس بالخيال عن طريق استخدام تقنيات عالية تضع الإنسان أو المتعلم في بيئة افتراضية وتؤثر على جميع الحواس لكي يشعر بأنه يعيش في هذه البيئة بالفعل، مثل المعامل الافتراضية والمتاحف الافتراضية وحتى مواقع العمل الافتراضية.
  • التعليم المبرمج: تعتمد فكرته بشكل عام على مبدأ التعلم الذاتي، حيث يقرر المتعلم فيه المحتوى الذي يرغب في تعلمه ويتم عرض المسار التعليمي بشكل منظم مع وضع أسئلة واختبارات على كل فقرة لضمان حدوث عملية التعلم، كما يمكنه دراسة المناهج طبقًا لسرعة تعلمه وجدوله الخاص مما يسمح له بفرصة أفضل في التعليم.
  • مقاطع الفيديو التفاعلية: تعتبر تقنية فرعية ضمن تقنية التعلم بالوسائط الفائقة، وفيها يتم دمج التعليم النظري مع مقاطع فيديو تقوم بشرح كم أكبر من المعلومات بشكل أسهل وأبسط وأشمل، وتحقق للمتعلم المتعة البصرية والعقلية بالإضافة للعمل على الذاكرة الحسية له والتي تحقق نتائج أكثر نجاحًا من التعلم التقليدي.

استخدام تكنولوجيا المعلومات في التعليم عن بعد

يعتبر التعليم عن بعد من أبرز استخدامات تكنولوجيا المعلومات في عصرنا الحالي، وليس معنى ذلك أن التعليم عن بعد بدأ بعد ظهور تكنولوجيا المعلومات، بل على العكس فإن التعليم عن بعد ظهر منذ مدى بعيد في عصور بداية انتشار الإسلام والدولة الأموية والعباسية وغيرها عن طريق التعلم بالمراسلة أو عن طريق حلقات العلم وانتقال علومها بين الأفراد.

يرى كثير من المربين أن عملية التعلم تحدث بوجود المعلم والمتعلم ووسيلة التواصل بينهما بجانب الرسالة المراد توصيلها للمتعلم، لذلك فإن تكنولوجيا المعلومات سهلت عملية التعليم عن بعد عن طريق:

  • التعليم عن بعد باستخدام تكنولوجيا المعلومات يكفل للمعلم إمكانية الحصول على تغذية راجعة باستمرار للمعلومات ولعملية التعلم بشكل أكبر، ومعالجة أوجه القصور عن طريق إيجاد مصادر مختلفة لتزويده بالمعلومات اللازمة بل وحتى الوسائل التي يحتاج إليها في التدريس.
  • تكنولوجيا المعلومات تعتبر هي وسيلة الاتصال بين المتعلم والمعلم، فلما كان الفصل أو المدرسة في التعليم الواقعي يمثلان بيئة التواصل حققت تكنولوجيا المعلومات وشبكة الإنترنت عنصر التواصل بين عنصري التعلم عن بعد وهما المعلم والمتعلم.
  • لا تعتبر تكنولوجيا المعلومات وسيلة الاتصال بين المتعلم والمعلم فحسب، بل كفلت للمتعلم أو الدارس إمكانية الوصول إلى مصادر التعلم المختلفة والمراجع والمناهج دون الحاجة لوجودهم بشكل مادي عن طريق إتاحة المواد الدراسية إلكترونيًا.
  • التعليم عن بعد عن طريق تكنولوجيا المعلومات أفسح مجالًا للعولمة وانفتاح الثقافات، فيمكن للدارسين من جميع الدول والبيئات الانخراط معًا لتعلم منهج دراسي واحد وإيجاد نقاط تلاقي تسمح بالحوار العالمي والثقافي بينهم.

العلاقة بين تكنولوجيا التعليم وتكنولوجيا المعلومات

من الطرح السابق لأهمية مجال تكنولوجيا التعليم يمكننا أن نستنتج العلاقة التي تربطه بمجال تكنولوجيا المعلومات، والتي تتمثل في كون مجال تكنولوجيا المعلومات هو الأساس والبنية التحتية لعلم تكنولوجيا التعليم، فبناء على كل تقدم يحدث في تكنولوجيا المعلومات يمكننا الوصول لأدوات ووسائل أكثر تطورًا يمكن استخدامها في خدمة التعليم وتطويره.

كما أن جميع الوسائل التي ذُكر الاعتماد عليها في تكنولوجيا التعليم لإحداث عملية تعلم فعالة وذات آثر ملحوظ هي في الأساس تطبيقات لتكنولوجيا المعلومات في مجال التعليم، لذلك فعلاقة العلمين ببعضهما البعض هي علاقة تلازمية يسيران فيها بشكل متوازٍ مع مجريات العصر.

مجال تكنولوجيا التعليم

بعد أن تعرفنا على مجال تكنولوجيا التعليم بمفهومه الواسع وتطبيقاته المتعددة، يجب أن نشير إلى أن مجال تكنولوجيا التعليم من المجالات المطلوبة بقوة على ساحة العمل، حيث يتضمن مجموعة من الوظائف أهمها:

  1. وظائف إدارة تكنولوجيا التعليم: هو مجال يكون العاملون فيه مسؤولين عن تحديد المهام الموزعة على أفراد العملية التعليمية التكنولوجية، مثل إدارة مراكز التعلم وإدارة مشروعات التصميم وإدارة الوقت وغيرها من الإدارات الهامة.
  2. وظائف التطوير التكنولوجي: يُعنى العاملون بهذا التخصص بمتابعة أهم التطورات والمستحدثات التكنولوجية في مجال التعليم وتطبيقها بشكل منظم، فهو مجال مسئول عن العملية الإنتاجية للمواد التكنولوجية التعليمية مثل الوسائط المتعددة والمواد المطبوعة واكتشاف كل جديد في المجال.
  3. وظائف التصميم: من أهم مجالات تكنولوجيا التعليم، وصميم عمله هو القيام بوضع المواصفات الخاصة بالمحتوى التعليمي وكيفية عرضها للطالب، ويشمل تحديد الاستراتيجيات المستخدمة ووضع الرسائل التعليمية وهيكل المنظومة ككل.
  4. مجال التقويم: من أهم العمليات في مجال التعليم بشكل عام وفي تكنولوجيا التعليم بشكل خاص، حيث يمكن عن طريقه قياس مدى نجاح الوسائل المستخدمة والمنظومة ككل، ومن أبرز مهام التقويم للتعليم التكنولوجي تحديد المشكلات وإجراء عملية قياس دورية للتطبيقات التكنولوجية المستخدمة وكذلك عمل تقويم نهائي بعد انتهاء السنة التعليمية أو مرحلة بعينها.
  5. مجال الاستخدام والتطويع: هو المجال الذي يتم فيه اختيار الوسائل التي سيتم استخدامها أو المصادر التي يمكن الرجوع إليها، وذلك وفقًا لسياسات يتم وضعها بشكل ممنهج وفقًا للمستحدثات الحالية وكيفية دمجها ضمن العملية التعليمية بشكل فعال ومناسب.

مجال تكنولوجيا التعليم لم يعد مجال حديث ولكنه مجال يحاول مجاراة التطور الهائل في عصرنا هذا، وضرورة تعلمه هي ضرورة مُلحة وحاجة لا بد لكل معلم من إشباعها حتى يتمكن من تقديم رسالته للمجتمع بتقديم جيل قوي وقادر على المنافسة في عصر تديره التكنولوجيا والتطور العلمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top